الدكتور مازن الرمضاني: هذا هو كتابي “الصراع الدولي في عالم متغير”
الدكتور مازن الرمضاني: هذا هو كتابي “الصراع الدولي في عالم متغير”.
وكالة أنباء كل العرب APA:
بعد أيام يصدر في باريس كتابا للدكتور مازن الرمضاني عن دار كل العرب للطباعة والنشر، تحت عنوان: الصراع الدولي في عالم متغير، و قد وجهت وكالة أنباء كل العرب سؤالين للأستاذ الدكتور مازن الرمضاني حول كتابه
السؤال الآول: ما هي أهم فصول الكتاب؟
– عندنا يكتسب كتابنا هذا أهميته من أهمية جميع المواضيع التي يتناولها بمنهجية علمية. كما أن كل من فصوله يتناول ثمة موضوع له صلة وطيدة بالموضوع الذي سبقه، وكذلك بالذي يلحق به.
ولتباين اهتمامات القراء، تتباين الأهمية المعطاة من قبلهم لهذا الفصل وذاك. لذا سنستعرض وباختصار مضامين فصول الكتاب.
ينصرف الفصل الأول إلى تحديد مفهوم الصراع الدولي بعد استعراض ثمة رؤى متنوعة تناولت مضمونه. وكذلك إلى تحديد أنواع الصراعات الدولية، وبيان التباين بين مفهوم الصراع وثمة مفاهيم متعددة اخرى يتم استخدامها في الأدبيات الأكاديمية ذات العلاقة بالموضوع، وكذلك في وسائل الاتصال الجماهيري، للدلالة على مفهوم الصراع الدولي. كذلك يتضمن هذا الفصل التعريف بعدد من المفاهيم الجديدة ذات علاقة بالصراع الدولي أضحت تجد، بعد انتهاء الحرب الباردة الامريكية-السوفيتية، انتشارا واسعا بين أصحاب الاختصاص في الموضوع..
أما الفصل الثاني، فهو يبحث في أطراف الصراعات الدولية عبر الزمان. وقد ذهب إلى تصنيفها ثلاثيا إلى صراعات الدول الكبرى مع بعضها، وصراعات الدول الكبرى مع الدول الصغيرة، فضلا عن صراعات الدول الصغيرة مع سواها الصغيرة، وكذلك مع الدول الصغرى.
اما الفصل الثالث، فهو يتناول المدخلات، بمعنى الآساب، التي تفضي إلى اندلاع الصراعات الدولية. وقد تم توزيعها إلى ثلاثة مجاميع رئيسية: الأولى، وتناولت المدخلات المادية، التي تشمل، الصراعات الاقتصادية، وكذلك صراعات الحدود والسلطة السياسية. أما الثانية، فقد انصرفت إلى البحث في الصراعات العقيدية وخصوصا الصراعات الداخلية والإيديولوجية. أما المجموعة الثالثة منها، فقد راحت إلى البحث في المدخلات الخارجية ولاسيما تدخلات القوى الكبرى والاقليمية.
أما الفصل الرابع، فهو يبحث، أولا، في المراحل المتعددة والمتعاقبة، التي تقترن بها دينامية ظاهرة الصراع الدولي، هذا ابتداءً من مرحلة الاندلاع، مرورا بمرحلة التطور: تصاعدا أو تراجعا، وانتهاءٌ بمرحلة التسوية وما بعدها، وبضمنه بيان المدخلات، التي تفضي إلى كل من هذه المراحل. وكذاك يبحث، ثانيا، في إستراتيجيات التعامل مع الصراع الدولي، وأبرزها عندنا، هي: التجنب، أو التعاون، او التكيف، آو الحل الوسط، أو التنافس، وبضمنه المدخلات التي تدفع إلى تبني كل من هذه الإستراتيجيات.
آما الفصل الخامس، فهو يتناول الأدوات المستخدمة في التعامل مع الصراع الدولي من قبل أطرافه. وعندنا تتوزع هذه الأدوات إلى نوعين أساسيين: الأول، وتفيد به الأدوات السلمية السياسية والقانونية، بعناوينها المتعددة. أما النوع الثاني منها، فهو يقترن بالأدوات الإكراهية الاقتصادية والعسكرية، بعناوينها المتعددة أيضا.
أما الفصل السادس، فهو يجعل من تحليل الصراع الدولي مضمونه مستخدما مقاربة منهجية مركبة تجمع بين ثلاثة مستويات من التحليل في أن، هي: صانع القرار، والدولة، والنظام الدولي.
السؤال الثاني: كيف ترى الوضع العربي في هذا العالم المتغير؟
– في هذا العالم المتغير بسرعة، وفي هذه المرحلة الانتقالية من تطور العالم؟ يتساءل المرء: ماذا علينا نحن العرب أن نفعل؟ هل نترك غيرنا يحدد صورة المستقبل، الذي يريده لنا؟ أم نعمد نحن إلى صناعة مستقبلنا الأفضل الذي نريد ابتداء من الحاضر؟
ونرى أن الجواب لا يحتاج إلى تأمل عميق. لآننا إذا تركنا غيرنا يحدد مستقبلنا لنا، فإنه سيعمد إلى تحديده لنا في ضوء مصالحه العليا أولا وأخيرا. أما إذا عمدنا نحن إلى صناعته اعتمادا على الذات، فإننا نستطيع التمهيد لدور عربي فاعل ومؤثر، إقليميا وعالميا. فالقدرات العربية مجتمعة تؤهل العرب إلى أن يكونوا قوة إقليمية كبرى شرط احتواء معطيات التنافر ودعم معطيات التكامل، والتوظيف الأحسن، للقدرات خدمة للمصالح الوطنية والقومية، التي لا تتقاطع.
ومن اجل صناعة المستقبل العربي المرغوب فيه، لنتجنب الانتظار السلبي و/أو الدخول في دائرة عدم الفعل، و/أو رد الفعل. أن اللاعبين الفاعلين والمؤثرين في هذا العالم الصغير والمتغير هم الذين يصنعون المستقبل. ونحن نستطيع الشيء ذاته، هذا إن أردنا ذلك.
لذا لا نتفق مع القائلين إن التجديد والنهضة تحول دونهما معطيات الحاضر الرديء. فنحن نرى أن المستقبل لا يكون دوما امتدادا أليا لمثل هذه المعطيات. وتؤكد هذه الحقيقية تجارب العديد من الدول المعاصرة.، فبعد أن كانت هذه الدول متأخرة حضاريا، استطاعت، خلال زمان قصير نسبيا، الارتقاء إلى مستوى الدول السائرة في طريق النمو والتقدم. ومثالها سنغافورة.
إن تلك الآراء التي تغرق في التشاؤم، ومن ثم تقلل من قدرتنا، نحن العرب، على النهوض الحضاري، تتناسى أن المستقبل استمر، ومنذ القدم، صناعة بشرية. اذ كان يتحدد على وفق ما كان يختاره الإنسان لذاته وما يفعله ايضا. لذا نرى أن الحاضر العربي سيقترن حتى نهاية زمان المستقبل المتوسط، أي من الآن إلى عقدين من الزمان، بحالة الصراع الدائر، ضمنا و/أو صراحة، بين مجموعتين متقاطعتين من المتغيرات:
الأولى سلبية تُشجع على التفكك والتشرذم والخروج من التاريخ. وتدعم هذه المجموعة مخرجات تلك الإشكاليات الهيكلية العربية، التي جعلت العرب في العموم أسري واقع التردي والتراجع الحضاري. وأما المجموعة الثانية من المتغيرات فهي تلك التي تحفز على التعاون والتكامل بين العرب والارتقاء والعودة مجددا إلى صناعة التاريخ. وتدعم هذه المجموعة الثانية مخرجات معطيات، مادية ومعنوية مهمة، مرئية وغير مرئية، أخذت، ومنذ زمان، تنتشر ببطيء، ولكن بثبات بين العرب. لذا من المرجح أن يقترن الحاضر العربي خلال زمان المستقبل المتوسط، الممتد من الآن إلى عقدين من الزمان، بمشهد سيجمع بين معطيات استمرارية التردي وبداية التغيير.
إن حصيلة الصراع بين هاتين المجموعتين من المتغيرات هي التي ستحدد، على الأرجح، طبيعة المشهد، الذي سيقترن به المستقبل العربي في نهاية زمان المستقبل المتوسط.