تقرير
التهجير بحيّ الشيخ جرّاح: مُطالبة مجلس الأمن بالتّدخل
طالبت الرئاسة الفلسطينة، الأربعاء، “الرباعية الدولية ومجلس الأمن الدولي، والإدارة الأميركية، بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف انتهاكات” سلطات الاحتلال الإسرائيليّ المتمثّلة باستمرار الاستيطان، وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين، وبخاصّة في حيّ الشيخ جرّاح المقدسيّ.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، الأربعاء: “الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بحق شعبنا الفلسطيني، لن تجلب السلام والاستقرار لأحد، وهي تسعى من خلالها لتدمير حل الدولتين المدعوم من قبل المجتمع الدولي، والقضاء على فرص تحقيق السلام من خلال المفاوضات القائمة على الشرعية الدولية”.
وذكر أبو ردينة أن “آخر هذه الاعتداءات هي قرارات محاكم الاحتلال الاسرائيلي بهدم 100 منزل فلسطيني في حي البستان داخل سلوان، والاستيلاء على عشرات المنازل الفلسطينية في منطقة الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، وحي المطار في كفر عقب، ومنطقة البقعة في الخليل، ومنطقة العيون البيضا في مسافر يطا تمهيدا للاستيلاء عليها”.
وأضاف: “بالإضافة إلى المباشرة بهدم تجمع الخرابيش القريب من قرية النويعة بمنطقة الاغوار، وتجريف أراضي مواطنين في قرية راس كركر شمال غرب رام الله، واقتلاع العشرات من أشجار الزيتون في قرية جالود جنوب نابلس”.
وقال إن “السياسة الإسرائيلية المتمثلة بهدم البيوت ومواصلة النشاطات الاستيطانية، هي إجراءات أحادية الجانب هدفها الأساسي نسف أي جهد دولي يبذل لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على أساس قرارات الشرعية الدولية”.
وأضاف: “نطالب الرباعية الدولية ومجلس الأمن الدولي والإدارة الأميركية التي أعلنت رفضها للإجراءات أحادية الجانب ودعمها لحل الدولتين، بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة المخالفة لكافة قرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي”.
“أونروا”: العائلات تواجه إخلاءً ثانيا؛ “تداعيات عميقة”
وزار دبلوماسيون أوروبيون ومسؤولون من الأمم المتحدة حيّ الشيخ جراح، اليوم.
ونقلت وكالة “الأناضول” للأنباء عن مديرة عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بالضفة الغربية، غوين لويس، قولها إن “زيارة اليوم مهمة جدا لأن العائلات التي تعيش في القدس الشرقية وفي حي الشيخ جراح يواجهون إخلاءً وشيكا من قبل السلطات الإسرائيلية”.
وأضافت: “هناك 7 عائلات الآن تحت خطر إخلاء منازلها، وهي جزء من عائلات اللاجئين الذين نزحوا إلى هنا في العام 1948، ويعيشون هنا ويواجهون الآن إخلاءً ثانيا”.
وتابعت لويس: “ما نحاول القيام به هو الدفاع عن العائلات، لأننا نريد احترام القانون الدولي الإنساني في القدس الشرقية، وأن تتمكن هذه العائلات من البقاء في منازلها”.
وحذّرت المسؤولة الأممية من تداعيات “التأثيرات الإنسانية العميقة لما تتعرض له العائلات، فجميعها لديها أطفال، وهذه منازلهم وهم يواجهون خطر طردهم من منازلهم، ومن المهم جدا دعم هذه العائلات”.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان أصدرته امس، إنها على تعاون وثيق واتصالات مباشرة مع الأردن في متابعة ملف الحي، الذي يتعرض “لأبشع هجوم” استيطاني إسرائيلي.
وذكرت الخارجية أن “المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، وسلطاتها المختصة تعاونت مع دولة فلسطين منذ زمن طويل ولا زالت تقدم كل عون مستطاع في متابعة قضية حي الشيخ جراح”، موضحة أن “اتصالات ولقاءات مباشرة جرت بين وزيري خارجية فلسطين، رياض المالكي والأردن، أيمن الصفدي، وكذلك من خلال السفارة الأردنية في رام الله والسفارة الفلسطينية في عمان” بشأن الحيّ.
وتابعت: “قدمت المملكة لنا الوثائق الخاصة بعدد من العائلات، وجاري العمل على تأمين وثائق أخرى”.
وعادة ما تستخدم هذه الوثائق من قبل المحامين ومؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية في المرافعات أمام المحاكم الإسرائيلية لإثبات ملكية المنازل التي يسعى الاحتلال للاستيلاء عليها، إذ كان الأردن يسيطر على القدس قبل 1967 ولديه سجلات سكانية.
وحمّلت الخارجية الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي في البيان “المسؤولية الكاملة والمباشرة عن الجريمة البشعة التي يتعرض لها حي الشيخ جراح ومواطنيه ومنازلهم”.
وأضافت أن الحي “يتعرض لأبشع هجوم استيطاني استعماري يهدف إلى مصادرة مساحات واسعة منه، وطرد وتهجير عشرات العائلات الفلسطينية”.
شهادة من الحيّ
ونقلت وكالة “الأناضول” عن نبيل الكرد، وهو أحد سكان الحيّ، قوله: “أسكن في الشيخ جراح منذ العام 1956، بناء على اتفاق ما بين وكالة أونروا والحكومة الأردنية ممثلة بوزارة الإنشاء والتعمير، وينص الاتفاق على أن تقوم الحكومة الأردنية بتسجيل الأرض بأسماء السكان خلال 3 سنوات، ولكن شاءت الظروف انه حتى الآن لم يتم تسجيل الأرض بأسمائنا”.
وذكر أنه “في الشهرين الماضيين، صدرت قرارات ضد 3 عائلات من قبل المحاكم الإسرائيلية بإخلاء منازلهم في شهر آب/ أغسطس، و4 عائلات أخرى صدرت قرارات بإخلاء منازلها في شهر أيار/ مايو”، مضيفا: “كل هذه القرارات هي ظلم واحتيال على القانون، لأن القانون المطبق هو سياسي، يهدف لحماية الإسرائيليين وبالمقابل تهجير الفلسطينيين وما يحدث هو تهجير عرقي وجريمة حرب لأننا نعيش تحت الاحتلال”.
وقال الكرد: “أتوجه إلى جميع أحرار العالم للحديث عن قضية الشيخ جراح، إذا تم اخلائنا سنكون بالشوارع لأننا لا نمتلك أي مقومات للحياة”، مشيرا إلى أن “الأمور ازدادت سوءا في العام 1982 حينما قبلت المحكمة بوثيقة مزورة قدمها الإسرائيليون بأن هذه أرضهم، رغم أنهم لم يقدموا أي وثيقة يعتد بها الى المحاكم”.
وأضاف: “بعد وصول (الرئيس الأميركي السابق دونالد،) ترامب إلى البيت الأبيض شن الإسرائيليون هجمة مسعورة على كل فلسطين بشكل عام وعلى القدس بشكل خاص (…) لا أدري كيف يمكننا أن نواصل حياتنا إذا لم يقف معنا العالم أجمع وأصحاب الحق وتركيا والأردن والسلطة الفلسطينية”.
وقفة احتجاجيّة بغزّة
وفي سياقٍ ذي صلة، شاركت نساء فلسطينيات في قطاع غزة، اليوم، في وقفة احتجاجية، ضد سعي الاحتلال الإسرائيليّ إلى تهجير عائلات في حيّ الشيخ جراح.
ورددت المشاركات في الوقفة، شعارات مناصرة لأهالي الشيخ جراح، ورفعن لافتات كُتب على بعضها عبارات مساندة لأهالي الحي.
وفي كلمتها خلال الوقفة، قالت مسؤولة الإطار النسوي في حركة الجهاد منظمة الوقفة، أسمهان عبد العال، إن “ما يحصل اليوم في حي الشيخ جراح هو مشروع استيطاني يهدف إلى جعل حياة الفلسطيني غير محتملة”.
وأضافت عبد العال: “منذ أن وطأت أقدام الاحتلال مدينة القدس، لم يدخر جهدا للسيطرة عليها وتغيير معالمها العربية والإسلامية بهدف تهويدها وتهجير أهلها”.
وناشدت “جميع الجهات الدولية والعربية بضرورة العمل على وقف إجراءات الاحتلال ضد الفلسطينيين بالقدس”.
وتخشى عشرات العائلات الفلسطينية، من طرد “وشيك” لها، من منازلها التي تعيش فيها منذ العام 1956 بحي الشيخ جراح، في مدينة القدس المحتلة، لصالح مستوطنين. ووصلت العائلات إلى الحي بعد نكبة عام 1948، وأقامت فيه بالاتفاق مع الحكومة الأردنية، ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
وتعيش العائلات، وعددها 27، منذ سنوات تحت وطأة مخاوف من تهجير جديد، ازدادت وطأته في الأشهر الماضية، فمنذ بداية العام الجاري، صادقت المحكمة المركزية الإسرائيلية، على قرارات إخلاء 7 عائلات من منازلها لصالح مستوطنين.
وقبل سنوات طرد مستوطنون 3 عائلات فلسطينية من منازلها بالشيخ جراح، فيما يتهدد الطرد باقي العائلات. وسبق أن قالت جماعات استيطانية إسرائيلية إنها تنوي إقامة مستوطنة تضم 250 وحدة استيطانية على أنقاض الحي.