ليل مخدوش عدوان الاحتلال الهمجي
ليل مخدوش هدوء عال الصوت في القدس غداة عدوان الاحتلال الهمجي
تقرير
مخلفات قنابل وأعيرة مطاطية، سجادات صلاة متناثرة؛ ودماء التصقت بشظايا وببلاط الأرض ، وشرود معتكفين لم يجاورهم سلام ليل رمضان ، هكذا أصبح حال باحات المسجد الأقصى بعد المعركة التي استمرت لساعات، بين قوات الاحتلال الإسرائيلية المدججة بالأسلحة، والمصلين الذين جاءوا للمسجد الأقصى، وسط القدس المحتلة حتى يعتكفوا في “الجمعة الأخيرة”.
وفيما خيّم صباح اليوم، السبت، هدوء حذر على القدس المحتلة، أفاد مراسلون ، بأن تشديدات الاحتلال على دخول الصلين إلى المسجد الأقصى لم تمنع الفلسطينيين من التوافد إلى الأقصى، في حين شرعت قوات الاحتلال بتفتيش دقيق للمارة.
وعُلم أن قوات الاحتلال اعتقلت، خلال مواجهات الليلة الماضية، 20 شخصا على الأقل، من بينهم 6 خلال قمع المتظاهرين والمعتصمين نصرة لأهالي حي الشيخ جرّاح المهددين بالتهجير القسري لصالح المستوطنين.
وامتلأت ساحات المسجد، بالكراسي وعكازات مسنين، وبقايا طعام وعبوات مياه وشراب وأحذية؛ والتي كانت بمثابة ذخيرة المصلين العُزّل للتصدي لقوات الاحتلال المعتدية، بحسب مقاطع مصورة نشرها ناشطون فلسطينيون، ووفق ما أفاد به شهود عيان.
أمّا ساحات المسجد، من ناحيته الغربية وهو الموقع الذي جرى منه الاقتحام الإسرائيلي، فكانت مليئة بالحجارة وقطع بلاستيكية ألقاها المصلون باتجاه عناصر الاحتلال. ورغم ذلك، قال شهود عيان إن “العديد من الشبان تولوا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من باحات المسجد، تنظيف الساحات استعدادا لاستقبال المصلين لصلاة الفجر”.
وقبل الاعتداء كان المكان يصدح بالهتافات والأناشيد الدينية والوطنية، عشرات الآلاف من المصلين يحيون الجمعة الأخيرة من رمضان؛ لكن فجأة، قوات الاحتلال الإسرائيلي قررت أن تقلب هذه الأجواء الروحانية إلى أجواء مواجهات ومعركة.
وهاجم عشرات العناصر من قوات الاحتلال المدججة بالسلاح وأدوات القمع، باحات المسجد الأقصى، وخاصة قرب بابيّ المغاربة والسلسلة، مطلقين الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت بكثافة نحو المصلين، رغم وجود أطفال وشيوخ وذوي احتياجات خاصة.
الرصاص المطاطي، لم يطل الشبان الذين تصدوا للاعتداءات الإسرائيلية فحسب، بل أصاب صحافيين وأطفال وشيوخ ومتضامنين
وكان من بين المصابين عشرات الصحافيين الذين أصيبوا بجروح جراء استهدافهم برصاص معدني مغلف بالمطاط، أثناء اقتحام قوات إسرائيلية باحات المسجد الأقصى، وتمت معالجة بعضهم ميدانيا.
ولم تكتف قوات الاحتلال بهذه الأحداث، بل طلبت دعمًا عسكريًا إلى داخل المسجد، وأغلقوا معظم أبوابه، واستعانوا بالسلاسل والجنازير حتى يغلقوا باب المصلى القبلي، الذي يعتبر المصلى الرئيسي للرجال، وبداخله الأئمة والشيوخ والأطفال والشبان.
واعتدت قوة إسرائيلية أُخرى على ساحة مصلى قبة الصخرة، المخصص للنساء، وأطلقت نحوهن قنابل الصوت، وحاولت إجبارهن على الخروج من باحات المسجد الأقصى.
ولم تسلم عيادة المسجد الأقصى هي الأخرى من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، والتي أفزعت الممرضين والمصابين داخل غرفة العيادة، حيث أطلق الجنود قنابل الصوت داخلها، دون أي مبرر.
وبعد إصابة 205 مصلين خلال الاعتداءات، معظمهم بالرصاص المطاطي، وفي منطقة الوجه، بحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أغلقت القوات الإسرائيلية أبواب المسجد، ومنعت أحدًا من دخوله، كما اعتلت أسطح المصليات داخل باحاته.
لكن المصلين الذي بقوا متواجدين داخل الحرم القدسي، أقدموا على تنظيف المسجد من آثار الاعتداءات، ودماء المصابين، بعد انتهاء المواجهات. وأضاف شهود العيان إن المئات من المصلين أدوا صلاة قيام الليل بالمسجد.
وجلس العشرات من المصلين في جنبات المسجد يتلون القرآن الكريم. ومع إعادة فتح أبواب المسجد، خرج الكثير من المصلين المعتكفين إلى الحارات القريبة بالبلدة القديمة في القدس لشراء طعام السحور.
وبسبب الظلام الدامس لم يكن بالإمكان رؤية آثار العشرات من القنابل الصوتية التي ألقتها شرطة الاحتلال على المصلين خلال ساعات الليلة الماضية.
لكن دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس دعت المواطنين للقدوم إلى مكاتبها لاستعادة أجهزة هواتف نقالة وأغراض أخرى كانوا قد فقدوها خلال خروجهم من المسجد أثناء المواجهات.
وما زال العشرات من المصلين يتلقون العلاج في مستشفى المقاصد بالمدينة بعد نقلهم إليه إثر المواجهات. وكان وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية، فادي الهدمي، تفقد فجر اليوم، جرحى العدوان الإسرائيلي في مستشفى المقاصد.
وقال متحدث الخارجية الأميركية، في بيان، إنّ “الولايات المتّحدة قلقة للغاية إزاء المواجهات الجارية في القدس… والتي أفادت تقارير أنّها أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى”.
وأضاف أنّ “العنف لا عذر له، لكنّ إراقة الدماء التي تحصل الآن مقلقة بشكل خاص” لا سيّما وأنها تحصل في الأيام الأخيرة من رمضان.
ولفت المتحدّث إلى أنّ واشنطن دعت المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى “العمل بحزم لتهدئة التوتّرات ووقف العنف”.
وشدّد برايس على “الأهمية البالغة” لتجنّب أيّ خطوات قد تؤدّي إلى تفاقم الوضع – مثل “عمليات الإخلاء في القدس الشرقية، والنشاط الاستيطاني، وهدم المنازل، والأعمال الإرهابية”.
بدوره قال منسّق الأمم المتّحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند “نحن قلقون للغاية من تصاعد التوتّرات والعنف في القدس ومحيطها. أدعو الجميع إلى التصرّف بمسؤولية والحفاظ على الهدوء”.
وأضاف “يجب على الجميع احترام الوضع الراهن للأماكن المقدّسة في البلدة القديمة بالقدس بما يخدم السلام والاستقرار. يجب على القادة السياسيين والدينيين التصرّف الآن”.
وادعت شرطة الاحتلال في المدينة إصابة 17 من عناصرها، قالت إن نصفهم تلقوا العلاج في المستشفيات، كما زعمت أن من بين الإصابات حالة متوسطة لشرطي أصيب بحجر في وجهه.