الحكومة الأمريكية “تدمن” فرض العقوبات على الدول الأخرى، والشعوب هي الضحية.
الحكومة الأمريكية “تدمن” فرض العقوبات على الدول الأخرى، والشعوب هي الضحية…
وكالة انباء كل العرب APA
منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فرضت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة بشكل مشترك جولات متعددة من العقوبات الاقتصادية على روسيا، مما أثر تأثيرا خطيرا على أمن الاقتصاد العالمي وسلسلة التوريد، بالإضافة إلى ذلك، عكفت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على إتباع النزعة الأحادية والهيمنة، وفرض عقوبات أحادية الجانب بشكل متكرر على دول أخرى، وكان ضحية تلك العقوبات شعوب تلك الدول أخيرا.
وفقًا لتقرير تقييم العقوبات الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية، بلغ عدد العقوبات الفعالة التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد غيرها من الدول أكثر من 9400 حتى عام 2021، حيث زاد ما يقرب من 10 مرات مقارنة بما كان عليه قبل 20 عاما. على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة حصارا اقتصاديا وتجاريا وماليا على كوبا لمدة 60 عاما، مما تسبب في خسائر اقتصادية مباشرة لكوبا تجاوز حجمها 100 مليار دولار أمريكي وأثر على حياة الشعب الكوبي بشكل خطير.
فرضت الولايات المتحدة عقوبات أحادية الجانب على العديد من البلدان بشكل متكرر، هادفة إلى الحفاظ على هيمنتها العالمية. وفي هذا الصدد، قال إدوارد فيشمان، كبير الباحثين في المجلس الأطلسي، إن قادة الولايات المتحدة يتخذون العقوبات كوسيلة منخفضة التكلفة لإبراز القوة الأمريكية دون الخوض في مواجهات عسكرية.
لننظر إلى أفغانستان، حيث جمدت الولايات المتحدة حوالي 9.5 مليار دولار أمريكي من أصول البنك المركزي الأفغاني كوسيلة لفرض العقوبات عليها، وأعلنت في فبراير الماضي أن نصف الـ7 مليارات دولار أمريكي المجمدة ستُستخدم لتعويض ضحايا أحداث الـ” 11 من سبتمبر”. يعتقد المحللون أن عدد الضحايا المدنيين بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على أفغانستان قد يتجاوز عدد القتلى في الحرب التي استمرت 20 عاما.
أما بالنسبة إلى سوريا، فعلى الرغم من أن الحرب الأهلية قد هدأت، إلا أنه في ظل العقوبات الشديدة التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية على سوريا، فلا تستطيع الشركات السورية استخدام نظام الدفع بين البنوك الدولية، أو إجراء التحويلات المالية مع الدول الأخرى، أو القيام بعمليات الاستيراد والتصدير، مما تسبب في صعوبات كبيرة لأعمال إعادة الإعمار للسكان المحليين .
وكذلك في إيران، لم تتوقف الولايات المتحدة عن فرض العقوبات والحصار عليها أبدًا، حتى عندما كانت إيران تعاني من أسوأ حالتها في مواجهة الجائحة محليا، لم تكن تستطيع استيراد الإمدادات الطبية الفعالة في الوقت المناسب، مما تسبب في وفاة مصابيين يصل عددهم إلى 13000 شخص.
تعبّر نادية حلمي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بني سويف ، عن موقفها إزاء هذا الموضوع قائلة إن العقوبات الأمريكية ضد أفغانستان وسوريا ودول أخرى لن تفشل فقط في تحقيق هدفها من الإكراه الاقتصادي، بل أثرت بشكل خطير على الحياة الطبيعية للسكان المحليين حتى أنها تسببت في أزمات إنسانية خطيرة وأشار بيتر هاريي، الباحث البارز في مركز الأمن لأحد المؤسسات الفكرية الأمريكية، إلى أن عقوبات الحكومة الأمريكية تستند بشكل أساسي إلى موقعها المهيمن في النظام المالي الدولي، ولكن إذا استخدمت الولايات المتحدة العقوبات بشكل متكرر، فسوف يضطر ذلك الدول الأخرى إلى التفكير في إنشاء نظام مالي جديد يمكن أن يحل محل النظام الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، مما سيؤدي بلا شك إلى عزل الولايات المتحدة من الاقتصاد العالمي.