تقرير عن الحوثيين
تعدت سياسة الضرب على الأكتاف
6 سنوات من الأمن العربي الهش: الحوثيّون من المِغار الصخرية إلى المسيّرات الجوية.
مع انطلاق عمليات التحالف العربي في اليمن، قبل ستّة أعوام، كان سلاح الطيران امتيازًا حصريًا لهذين البلدين (السعودية والإمارات) ، اللذين شنّا لأسابيع ضربات جويّة تستهدف جماعة الحوثي، قبل أن تبدأ العمليّات البريّة، لكنّ الحوثيّين طوّروا بمساعدة إيرانية خلال الأعوام الماضية قوّة جويّة ضربت مواقع عدّة في العمقين السعودي والإماراتي.
وتحوّل الحوثيون، خلال هذه السنوات، من مقاتلين متمرسين في الجبال إلى عنصر تهديد إقليمي بفضل طائراتهم المسيّرة التي باتت أكثر قدرة على استهداف المدن البعيدة وضرب المنشآت النفطية المحصنة.
وبينما تخوض الرياض عملية مطاردة شبه يومية ضد عدو يصعب تقفي أثره بسهولة، ينكبُّ الحوثيّون على تطوير الطائرات بدون طيار، التي أصبحت سلاحهم المفضل بعدما اعتمدوا لسنوات على الصواريخ الباليستية.
وأصبحت هذه الطائرات التي تحمل علامة “صنع في اليمن”، بمثابة ترسانة هجومية تتحول يوما بعد يوم إلى ما يشبه “القوة الجوية”.
ولطالما اتهمت السعودية والولايات المتحدة إيرانَ بتزويد الحوثيين بالأسلحة، وهو ما تنفيه طهران.
ويمتلك الحوثيّون مجموعة كبيرة من المعدات والأسلحة العسكرية، بما في ذلك الدبابات والصواريخ الباليستية التي استولوا عليها من مخازن الجيش اليمني، بعد السيطرة على صنعاء في 2014.
أمّا بالنسبة للطائرات المسيرة، فيدّعي الحوثيّون إنهم يصنعونها محليا، بينما تحمل الطائرات البيضاء والرمادية ملصق “صنع في اليمن”، ويقول الخبراء إنها تحتوي على مكونات إيرانيّة مهربة.
وبحسب تقرير صادر عن “مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية”، يتم تهريب المكونات من الحدود مع سلطنة عمان إلى محافظة المهرة في شرق اليمن، وعبر الموانئ البحرية الصغيرة على طول البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن.
وأكّد تقرير للأمم المتحدة في 2019 أن الحوثيين يملكون إمكانية “الوصول إلى المكونات الأساسية، مثل المحركات وأنظمة التوجيه، من الخارج”.
في أيلول/سبتمبر من العام ذاته، تعرّضت محطة نفطية وحقل للخام في السعودية إلى ضربة غبر مسبوقة بطائرات مسيّرة وصواريخ، ما أدّى إلى نسف نصف إنتاج المملكة لأيام. وأعلن المتمردون مسؤوليتهم عن الهجوم، لكن الرياض وواشنطن اتّهمتا إيران بتنفيذه.
أكثر طائراتهم تطوّرا هي “صماد -3″، التي تستطيع حمل 18 كيلوغرامًا من المتفجرات، ويبلغ مداها 1500 كم وسرعتها القصوى 250 كم في الساعة، وفقا لمصادر إعلامية حوثية وخبراء مستقلين.
وتأتي بعد ذلك “قاصف-1″ و”قاصف -2” بمدى 150 كم، وبشحنة متفجرات بوزن 30 كغ.
وتضمّ الطائرات بدون طيار الأخرى طائرات استطلاع ذات نطاقات أقصر، من بينها “راصد” (35 كم)، و”هدهد” (30 كم)، و”رقيب” (15 كم).
وجاء في تقرير “مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية” في 2020 أنّ الطائرات بدون طيار هذه “تستخدم إرشادات نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) وتطير بشكل مستقل على طول نقاط الطريق المبرمجة مسبقا” نحو أهدافها.
وفي 11 آذار/مارس الماضي، كشف الحوثيّون عن سبعة أنواع جديدة من الطائرات بدون طيار، ولكن دون تحديد مداها ومزاياها. وتضمنت نسخة جديدة من أكثر طائراتهم تطورا وهي “صماد-4”.
ويستخدم الحوثيون الطائرات بدون طيار جزءًا من إستراتيجية للتأثير على أي مفاوضات سلام مستقبلية، وللضغط على السعودية بينما يمضون قدما للسيطرة على المزيد من الأراضي، بحسب مراقبين.
وتكثفّت هجماتهم الجوية مع استئنافهم حملتهم الشهر الماضي للسيطرة على مأرب، آخر معقل للحكومة في الشمال.
ومنذ بداية العام، أقرت السعوديّة بتعرّضها لما لا يقل عن 45 هجومًا بطائرات بدون طيار، ثلاثة منها ضربت منشآت نفطية ومطارا في الجنوب والشرق، ولكن بشكل أكثر أهمية في الرياض على بعد حوالي ألف كم من الحدود اليمنية.
وقالت مؤسسة “آي إتش إس ماركيت” الأمنيّة الاستشارية هذا الشهر إنّه “من المرجح أن تستمر هجمات الحوثيين على السعودية، وربما يتم تبنيها كإستراتيجية طويلة الأمد خاصة في الوقت الذي يوسع فيه الحوثيون هجومهم على مأرب”.
ونظام الدفاع الصاروخي “باتريوت” السعودي ليس مصمّما بشكل أساسي لصد الطائرات بدون طيار، التي تحلّق على ارتفاع منخفض. وتمتلك المملكة 80 رادارا للدفاع الجوي، لكن العديد من هذه الأنظمة قديمة يعود تاريخها إلى عدة عقود.
وتوقعت “آي إتش إس ماركيت” أن يزداد مع الوقت “مدى” الهجمات، “ما يشكّل خطرا على منشآت في الخليج”.
وهدّد المتمردون في السابق باستهداف مدينتي أبو ظبي ودبي في الإمارات، الدولة الثرية التي افتتحت مؤخرا أيضا محطة نووية وكانت منخرطة بشكل رئيسي في حرب اليمن، إلى أن سحبت غالبية جنودها من هذا البلد قبل عامين.
وحتى الآن بات اليمن ، منطقة البطن الرخو الذي يزعزع الأمن العربي من جهة بحر العرب.