قرارات صارمة بحق اللاجئين السوريين في أنقرة ، وماذا بعد ؟
قرارات صارمة بحق اللاجئين السوريين في أنقرة ، وماذا بعد ؟
وكالة أنباء كل العرب : أعلنت وزارة الداخلية التركية حزمة من القرارات الجديدة الصارمة لـ”تنظيم” أوضاع اللاجئين السوريين في العاصمة أنقرة، وذلك بعد أقل من شهر على أعمال عنف شهدتها المدينة بين أتراك ولاجئين سوريين.
وبينما لا يُعرف مدى جدية السلطات التركية في تنفيذ هذه القرارات، تسود خشية واسعة في أوساط اللاجئين من أن تكون مقدمة لإجراءات مشابهة مشددة في عموم تركيا، وذلك مع احتدام ملف اللاجئين في السياسة الداخلية التركية، والمتوقع أن يتصاعد أكبر كلما اقترب موعد الانتخابات.
والأربعاء، أعلنت وزارة الداخلية مجموعةً من التعليمات والإجراءات الجديدة بحق اللاجئين السوريين المتواجدين في العاصمة، وذلك لتطبيقها من قبل الجهات المعنية (ولاية أنقرة ودائرة الهجرة) عبر قوات الأمن والضابطة الجمركية وقوات الدرك، على أن تكون سارية التطبيق منذ اليوم الخميس.
وتضمن القرار وقف منح أي طلبات جديدة لأوراق الحماية المؤقتة في أنقرة بشكل نهائي، ومنع إقامة أي سوري غير مقيد بشكل قانوني في المدينة وإعادته إلى الولاية التركية المقيد فيها رسمياً، إلى جانب منع مزاولة أي أعمال تجارية بدون أن تكون مسجلة بشكل قانوني كامل ولديها سجل ضريبي، بالإضافة إلى قرارات أخرى تتعلق بهدم المباني المهجورة التي يتخذها بعض اللاجئين مسكناً لهم وإعادتهم إلى الولايات المسجلين فيها.
كما تشمل القرارات ملاحقة كافة اللاجئين الموجودين في أنقرة بشكل غير قانوني وغير مسجلين بشكل رسمي لدى دائرة الهجرة، حيث يتضمن القرار توقيفهم وإرسال إلى مراكز إعادة اللاجئين التابعة لدائرة الهجرة تمهيداً لترحيلهم إلى خارج البلاد، وهو القرار الذي يمكن أن يفتح الباب لإعادة سوريين إلى مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا.
والشهر الماضي، وقعت أحداث عنف في حي ألتين داغ بأنقرة عقب مقتل شاب تركي على يد لاجئ سوري، وهو ما أعقبه أعمال عنف غير مسبوقة هاجم خلالها مئات الأتراك مساكن ومحلات السوريين وجرى إلقاء الحجارة على المناطق وحرق سيارات ومحلات تجارية تعود للسوريين.
ولا يعرف على وجه التحديد ما إن كانت القرارات الأخيرة تأتي لتهدئة سكان العاصمة أنقرة عقب الأحداث الأخيرة ومنع تجددها، أم أنها خطوة أولى على طريق سياسة جديدة للتضييق على اللاجئين يتوقع أن تتبعها الحكومة خلال المرحلة المقبلة، وذلك في ظل تزايد المواقف المعادية للاجئين واتهام الحكومة بالتساهل، في وقت يسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم للقيام بمجموعة من الخطوات لتعزيز فرصه بالفوز بالانتخابات المقبلة التي يتوقع أن يكون ملف اللاجئين أحد أبرز محدداتها على الإطلاق.
والقرار لا يشكل أي تهديد على تواجد اللاجئين في تركيا، لكن يشكل معضلة للكثير من اللاجئين المسجلين رسمياً في ولايات حدودية جنوبي البلاد، يقولون إنه لا تتوفر فيها مقومات للعمل، وهو ما يضطرهم للانتقال والعيش في محافظات أخرى لا سيما المحافظات الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير والتي تتواجد فيها أعداد أكبر من اللاجئين السوريين تتيح لهم القيام بأعمال تجارية وفتح محلات لبيع مستلزمات السوريين، بالإضافة إلى توفر فرص العمل الأخرى بشكل عام.
وبينما يشمل القرار الحالي آلاف أو حتى عشرات آلاف المقيمين في أنقرة ومسجلين في ولايات أخرى، إلا أن الخشية الأكبر تتمثل في توسع القرار ليشمل محافظات جديدة لا سيما إسطنبول التي يعيش فيها مئات الآلاف على أقل تقدير من اللاجئين السوريين غير المسجلين فيها رسمياً، وهو ما يعني فقدان عدد كبير منهم فرص عملهم ومشاريعهم، الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة لدى شريحة واسعة من اللاجئين.
وعلى مدى السنوات الماضية، تساهلت السلطات التركية مع تنقلات السوريين وانتقالهم للعيش في محافظات أخرى غير مسجلين فيها، ولكن قبيل الانتخابات الماضية عام 2018 شنت حملة لإعادة اللاجئين إلى المحافظات المسجلين فيها في محاولة من حزب العدالة والتنمية آنذاك لإثبات أنه جاد في اتخاذ خطوات صارمة لما يسميه “ضبط وتنظيم وجود اللاجئين”.
وعلى الرغم من أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية ستكون في تركيا منتصف عام 2023 إلا أن المعارضة تضغط نحو إجراء انتخابات مبكرة يمكن أن تذهب إليها البلاد في أي وقت، وفي ظل الأجواء الانتخابية المبكرة وتفجر أزمة اللاجئين الأفغان مؤخراً، عاد ملف اللاجئين ليتصدر النقاشات السياسية والاجتماعية اليومية في البلاد، وهو ما يعطي مؤشرات واضحة على أن الملف سيكون ضمن محددات التوجهات الانتخابية لشريحة واسعة من الشعب التركي.
ولتفادي خسارة المزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة، يُتوقع أن تبدأ الحكومة التركية بحملات مشابهة في الولايات الأخرى تدريجياً، وذلك للحد من تأثير ملف اللاجئين في الانتخابات المقبلة وإرسال رسائل للشعب التركي أن الحكومة جادة في خطواتها لتنظيم تواجد اللاجئين ومنع تأثير تواجدهم على حياة المواطنين اقتصادياً او اجتماعياً.